الموضوع: المهليب
عرض مشاركة واحدة
قديم 02 / 02 / 2010, 02 : 06 AM   #22
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية مشعل الكرين العتيبي
 
تاريخ التسجيل: 29 / 12 / 2007
الدولة: الكويت
المشاركات: 390
معدل تقييم المستوى: 221
مشعل الكرين العتيبي is on a distinguished road
افتراضي







مقاله لعلها تثري الموضوع


900 ريال أول راتب يتقاضاه.. و50 ألفا أنشأت أول مصنع للبلوك اليدوي

صاحب أكبر مصانع للخرسانة في الشرق الأوسط.. الإبل مصدر سعادته!





على بعد 220 كلم شمال شرق مدينة بريدة، توقفنا بعد رحلة طويلة نسبيا عبر كثبان النفود، لنستمع إلى حديث إبراهيم بن محمد المهيلب رجل الأعمال المعروف عن رحلته التجارية الناجحة، مشوار طويل وعمل دؤوب أشرف عليه بنفسه حتى اكتمل عقد من مصانع الخرسانة في مدن متعددة، وحين فاوضته شركة أسمنت القصيم على شراء نسبة من مجموعة مصانع المهيلب لم يكن ليوافق لولا عشقه للمكان الذي قدمنا إليه بحثا عنه، حملت الكاميرا وجهاز التسجيل ورافقت أحد العارفين بدهاليز الصحراء لنتجه إليه عند المكان الذي يعشقه ويهوى التواجد فيه، وجدناه هناك بصحبة مجموعة من ضيوفه، فكانت حرارة اللقاء أشد من حرارة الأجواء في ذلك اليوم من شهر أغسطس (آب اللهاب) والذي تصاحبه حرارة عالية عشناها ذلك اليوم في طريق رحلتنا إلى الضيف، إلا أننا بعد صولنا إلى موقع ضيفنا كانت الأجواء ألطف كثيرا، إذ تم تجهيز الموقع بأجهزة تكييف تجعلك تنسى عناء الطريق الوعر.
هناك لا تستطيع أن تتحدث مع إبراهيم المهيلب لعشر دقائق متتالية، ففي كل مرة يقوم من مكانه ليستقبل أحد الضيوف مرحبا ببشاشة تخفف كثيرا من مشقة الطريق، لذلك كان لابد لنا أن نستكمل حديث الذكريات مع المهيلب في منزله الواقع في مدينة بريدة.

ولدت في عام 1376هـ في المنطقة الشمالية لأب مهتم بالعلوم الدينية، ولم يتجه إلى التجارة في حياته، ما جعلني التحق بالعمل الحكومي وعمري لم يتجاوز الـ 20 عاما حيث بدأت براتب قدره 900 ريال شهريا، فعملت مراقبا في وزارة الصحة عام 1396هـ بعد أن أنهيت دراستي الابتدائية في مسقط رأسي وحصلت على دبلوم صحي, وبقيت في الوظيفة ثلاث سنوات امتلكت فيها أول سيارة كان تاريخ صنعها يسبق تاريخ شرائي لها بثلاثة أعوام (موديل 1976م)، وكنت فخورا بامتلاكها ذلك الوقت، فتعلمت القيادة عن طريق الأصدقاء والزملاء رغم "غشامتي" في القيادة تلك الفترة، حيث لا يوجد مرور يطبق المخالفات المرورية.
رغم بساطة العيش آنذاك، إلا أنني كنت أحلم بإنشاء مشروع يدر علي دخلا بعيدا عن العمل الحكومي ذي الراتب الشهري الثابت، حيث لم أستمر في العمل سوى ثلاث سنوات وفرت فيها مبلغا لا بأس به، إلى جانب اقتراضي من هنا وهناك، واستطعت جمع مبلغ يقارب 50 ألف ريال أقمت بها مصنعا للبلك اليدوي في منطقة القصيم، لأحقق جزءا من حلمي في العمل الحر، بدأت بالعمل بعشرة عمال إلى جانبي، إذ كانت مصانع البلك اليدوية تحتاج إلى الجهد البدني الشاق من قبل العمالة، وكنت أشجعهم وأشحذ هممهم، فكان هؤلاء العشرة عمال نواة لأكبر مجموعة مصانع خرسانة في السعودية، كنت أرى في هؤلاء الأمل في إنشاء مصانع في جميع مناطق السعودية، ورغم أن امتلاكي لمصنع يدوي جعلني في بداية الطريق للعمل الحر وهو ما كنت أبحث عنه، إلا أن التطور العمراني الكبير في السعودية لم يكن يجعلني أبقى في ذلك المشروع الصغير، حيث كانت السوق والحاجة أكبر من مشروعي الذي انطلقت فيه، وفي عام 1403هـ حصلت على أول مليون في حياتي بقرض لم يخالجني شعور بالخوف من استثماره، أقمت به أول مصنع متطور للخرسانة الجاهزة لمجموعة مصانع المهيلب، وكان البديل العملاق لمشروعي السابق اليدوي.
عملت في المصنع ما يقارب أربع سنوات تمكنت من افتتاح مصنع في بريدة، واصلت العمل حتى تم افتتاح مصنع آخر في بريدة وهو "مصانع الشمال" حيث تم افتتاحه في عام 1408هـ بتكلفة 10 ملايين ريال، وبعد عام واحد تم افتتاح "مصانع الرياض"، ثم بعد سنتين تم افتتاح "مصانع تبوك"، وبعد سنتين تم تدشين مصنع آخر في تبوك لما يتطلبه توسع النشاط العمراني في تبوك، وكنت أرى بعيني التوسع الكبير والنجاح المتلاحق الذي حققته مجموعة مصانع المهيلب كما تم افتتاح مصانع حائل والمدينة والبكيرية في وقت لاحق من المراحل المتقدمة، ليصل رأسمال المجموعة إلى أكثر من نصف مليار ريال، لتتطلع أكبر شركات الأسمنت في السعودية عقد شراكة معي في تلك المجموعة.
في الوقت الحالي نخطط لافتتاح 18 فرعا في جميع المناطق، لنصل بالمجموعة إلى 30 مصنعا في السعودية، وهو الأمر الذي كنت أتوقعه ولله الحمد حينما حصلت على أول قرض بمبلغ مليون ريال، لحبي هذا العمل من ناحية ولأنني واكبت عصر التطور في السعودية وأعي تلك المرحلة وما صاحبها من تطورات شهدتها السوق السعودية في مجال الأعمال من ناحية أخرى، إذ كنت شريكا للبناء في المدن التي توجد فيها مصانع تابعة للمجموعة، وكان إشرافي المباشر على العمل ومتابعته بدقة هو العلامة المميزة لكل تاجر يريد التعامل معي، ما أعطى الثقة للعملاء. كان همي الوحيد خلال الفترة الماضية أن يكون العميل راضيا سواء بالسعر أو بالجودة، ورغم أن المجموعة وصلت ديونها التي تريدها من الناس إلى أكثر من 100 مليون ريال في منطقة القصيم فقط، إلا أن هذا لم يكن يزعجني كثيرا بسبب أن مشاركة الناس وعدم التضييق عليهم كان هاجسي الأول، وهو ما جعل أحد أصحابي يسألني بقوله "كيف تربح أبو محمد؟"، وهذا بحمد الله ليس على سبيل الافتخار أو الرياء والبحث عن وسائل الإشهار، ولكنه واجب من واجبات رجال الأعمال في هذا البلد، فنحن نعيش وسط مجتمع يتكافل كالبنيان المرصوص كما شبهنا رسولنا الكريم. تلك الأعمال وغيرها من أعمال الخير ومشاركة المجتمع، كانت دافعي لكي أضيف قسما خاصا في مجموعة أعمالي للمساعدة على بناء المساجد والجمعيات الخيرية، حيث تساهم المجموعة بجزء من المبلغ، كما أن هناك أسعارا خاصة لتلك الجهات وللأرامل واليتامى وممن لا يستطيعون الدفع هناك برامج خاصة لهم بطرق ميسرة وأسعار خاصة جدا خصوصا بعد التحقق من مدى الحاجة.
رغم زحمة العمل التجاري ومواعيده المتعددة التي لا تنتهي خصوصا وأننا في مراحل البناء والتطوير، إذ كانت السنوات الماضية جميعها تطويرا للعمل ومراحل إنشاء مصانع في المدن السعودية، وكنا نستقبل الوفود من خارج السعودية ممن يقيمون وينشئون تلك المصانع أو ممن يقومون بصيانة المعدات الثقيلة وآليات المصانع، إلا أن نزول الأمطار يقلب جدولي تماما، حيث إنني أحرص على قضاء وقت الشتاء خصوصا إذا شاهدت البرق مع ذود "الإبل"، فهذا الأمر يريحني نفسيا ويجعلني أعود بشكل جديد ومغاير لما كنت عليه، فهي تجدد النشاط وتصفي الذهن مما يجعلك تستطيع التفكير ربما بشكل مغاير لما كنت عليه، بعد أن تتمتع بصفاء الذهن في مناطقنا الرملية وصحرائنا الرائعة، وإن كنت أنسى بعض القصص التي طرأت لي في الصحراء إلا أنني لن أنسى أنني كنت يوما قد حجزت إلى ألمانيا للعمل وإجراء بعض الاتفاقيات هناك، إلا أنني في طريقي إلى المطار شاهدت البرق، وعند الاتصال على "الملاحيق" مع الإبل أخبروني أن الأمطار نزلت عليهم منذ يومين، فطلبت إلغاء جميع ارتباطاتي حيث تم الاتصال على الجهات التي كنا مرتبطين بها، وتم تأجيل المواعيد وطلبت من قائد السيارة الاتجاه إلى الإبل في النفود لأقضي أجمل أوقاتي مع "المغاتير"، ليس هذا من باب عدم الحرص على المواعيد ولكنه حب وعشق دفنته الصحراء في صدورنا حتى وإن سبََّبَ هذا الحب فوات بعض الأرباح. القصص كثيرة لست أنا بطلها جميعها ولكن هناك الكثير ممن أحب الإبل والصحراء، ولا أبالغ إن قلت إنني أفضل إجازتي مع الإبل على قضاء الإجازة في أي بقعة من بقاع العالم مهما بلغت من الجمال.
حينما امتلكت الإبل قبل نحو 20 عاما كنت أحرص على السلالات ذات مواصفات الجمال التي توجد في الناقة، كما أنني أحرص على اقتناء"فحل" منتج من سلالة عريقة، وأفتخر بامتلاك أحد أبناء "رمان" الفحل الشهير الذي كان يملكه الملك فهد - رحمه الله- إذ اشتريت أحد أبناء "رمان" وهو حوار صغير بمبلغ 500 ألف ريال، ووصل سعره في هذا العام إلى عشرة ملايين ريال من قبل أحد مربي السلالات النادرة، رغم رفضي لبيعه وحبي الشديد له. إلى جانب "ابن رمان" تأتي "شرهة", "هيافة", و"محبوبة" وهن ما يجعلن الإبل يتجهن إلى سيارتي حين قدومي إلى الإبل، هذا عشق طبيعي يعرفه كل ملاك الإبل مع إبلهم، وحتى مع وصول الإبل لأسعار كبيرة جدا أرى أن الإبل تستحق كل هذه المبالغ، خصوصا "الطيبة" منها وهي ما يبحث عنها تجار الإبل، كما أنها أصبحت استثمارا كبيرا جدا، فإنتاج الإبل من الفحول الطيبة وبيعها يدر دخلا كبيرا، واستشهد بذلك على الفحل "ابن رمان" لدي حيث بلغ سعره عشرة ملايين ريال، وينتج إنتاجا طيبا يباع بملايين الريالات، ويبحث عن إنتاجه تجار الإبل من السعودية ودول الخليج، ويشترونه مهما بلغ سعره.
عشقي للإبل جعلني أقضي إجازاتي معها حيث سبق أن أمضيت شهرا كاملا معها، أحب وأعشق التنقل بها من موقع إلى آخر حسب توافر المراعي، ونعمل كما كان أباؤنا يعملون في الماضي، رغم ما فتح الله علينا من نعم كبيرة، إلا أن الصحراء والإبل لها نكهة خاصة في التنقل في جميع الفياض الشهيرة في السعودية، نستقبل ضيوفنا الأوروبيين ومن مختلف الجنسيات معها، إذ يحبون أن تكون المواعيد هناك دوما يرون حياة مختلفة عما ألفوها ونحن نحرص على أن نريهم تلك الحياة، ونحن نفتخر بها، ويحرصون على التقاط الصور بجانب الإبل حتى الاتصالات بيننا في مجال العمل لابد أن يتخلله سؤال حول الإبل التي رسخت في أذهانهم حتى وهم في عاصمة الضباب (لندن)، أو في مدينة الأنوار (باريس) في أحد المكاتب المطلة على الشانزليزيه. رأيت في أعينهم وفي عباراتهم الإعجاب خصوصا أنهم يرون أننا نستطيع أن نتعود على العيش تحت كل الظروف وفي أصعب الحالات وهي ما تجلبه لنا الإبل التي نتنقل بها من موقع إلى آخر في السعودية، ونسير خلفها نقطع الأميال يوميا حتى نحط رحالنا مساء وننصب الخيام ونقوم بعمل الضيافة لمن يمر علينا في الطريق ونحن سعداء بتقديم واجب الضيافة العربية، فأعجبهم التحلق حول النار وأعجبهم مذاق حليب الإبل. تلك جعلتنا نشعر بالاعتزاز والاحتفاظ بتراثنا وعراقتنا التي تعتبر ثروتنا الحقيقية. وهنا أنصح كل رجل أعمال يعاني من ضغوط في العمل أن يقتني الإبل لأنها ستريحه راحة كبيرة وتجعله يعود إلى العمل مرة أخرى بنشاط، ويفكر بجدية تجلب له النجاح في عمله، كما أنني سبق أن أشرت على كثير من رجال الأعمال بذلك


ودمتم
__________________
تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها
مشعل الكرين العتيبي غير متواجد حالياً